وزارة الثقافة و السياحة و الآثار دائرة السينما و المسرح Cinema and Theater Foundation

على منتدى المسرح… يتواصل التألق الإبداعي


على منتدى المسرح… يتواصل التألق الإبداعي
 كتابة : منذر عبد الحر  


أعترف بدءاً أنني منقطع منذ مدة ليست بالقصيرة عن التواصل مع نشاطات منتدى المسرح , لذلك حين دعيت ُ لحضور  النشاط الذي أقيم فيه , ذهبتُ إلى المبنى القديم الذي يحمل لافتة منتدى المسرح , لكنني فوجئتُ به وهو محتلٌّ من قبل جهة أخرى لا علاقة لها بدائرة السينما والمسرح , عندها تذكّرت ُ ما طرحه الشاعر الدكتور نوفل أبو رغيف مدير عام السينما والمسرح في مؤتمره الصحفي الذي أقيم في 27 من أذار الماضي وتم فيه عرض وثائق تشير إلى الانتهاك الحقيقي لهذا المرفق المهم من مرفقات دائرة السينما والمسرح وبإسناد من جهات رسمية .

المهم , تركت المبنى المحتل , وذهبت إلى المبنى البديل , الجميل حقا بموقعه وإطلالته على نهر دجلة الخالد وباحتشاده بباقات مهمة من أهم الفنانين والمثقفين والإعلاميين العراقيين , الذي اكتظت بهم قاعة المنتدى , وكذلك ملئت بهم حدائقه , فكانوا صورة مدهشة جميلة للتفاعل الفني والثقافي في البلاد , بعيدا عن كل المنغصات والأزمات والعقد .

النشاط الفني الذي شهده منتدى المسرح يوم الجمعة 18 من نيسان , وكان برعاية الشاعر الدكتور نوفل أبو رغيف , وبحضور نخبة طيبة من خيرة الفنانين والمثقفين , تضمن فقرتين فنيتين رائعتين الأولى عبارة عن عرض مسرحي صامت , تميّز بالتعبيريّة والسلاسة ولغة الجسد البديلة للغة المنطوقة والحوار , فكانت دهشة الأداء والعمق الدلالي لكل إشارات العرض , مدعومة باستخدام القناع الذي أخفى كل الملامح التعبيرية للوجه وجعله ممسكا بحالة واحدة تتنقل فيها إشارات البوح والدلالة من خلال الحركة والصوت والإضاءة , وهذه لعمري من أهم ممكنات المسرح التي تقدم رؤية جمالية ذات مغزى ومبنى عميقين , فهنيئا للفنان المبدع حسين درويش الذي قدم بربع ساعة من التعبير عرضا جماليا كبيرا حمل عنوانا أثيرا هو “دعوة للحب” .

أما الفقرة الفنية الثانية فكانت حفلا موسيقيا لفرقة منير بشير التي يقودها الفنان القدير المبدع سامي نسيم , حيث قدمت هذه الفرقة الأصيلة مقاطع من حفلها الذي أقامته مؤخرا في باريس , والذي سعى إلى مشاركتها فيه سعيا وطنيا حثيثا مسؤولا الشاعر الدكتور نوفل أبو رغيف , ليبعث للعالم بإحدى رسائل الحب والجمال التي يتميز بها عراقنا المبدع على الدوام , ورغم اكتظاظ المكان بالجمهور الكبير الذي حضر الحفل الموسيقي إلا أن الصمت والاستماع غلبا على المكان إصغاء لما قدمته هذه الفرقة بفنانيها الرائعين واختياراتها الذوقية للمقطوعات التي قدمتها , ولم تفت الفنان المبدع سامي نسيم استذكار الروائي الراحل توا غابريل غارسيا ماركيز , الذي يمثل جبلا في الرواية العالمي والأدب الإنساني الرفيع   , وكذلك استذكر أبرز فناني العود الراحلين وفي مقدمتهم جميل بشير , الذي عدّه باغانيني العراق , وملك العود وأستاذ الجميع في هذه الآلة المعبرة العجيبة . وكذلك استذكر منير بشير الذي حملت فرقته اسمه  , إضافة إلى استذكاره للفنان البصري الراحل طارق الشبلي , وفوجيء الحاضرون بمشاركة الفنان المبدع الشاب زيدون حسين الذي تعافى توا من حادث مروري أدى إلى إعاقة حركته , وقد أدى من مكانه بين الحاضرين عددا من الأغنيات العراقية الخالدة التي أبدع فيها أيما إبداع .

كان النشاط الذي قامت به دائرة السينما والمسرح نشاطا ثقافيا وفنيا نوعيا أعاد لنا الأمل بالأصالة وتجدد الابداع الراقي الذي عرف به الفن العراقي , فتحية لكل الذين ساهموا في النشاط وحضروه وأمنياتنا أن تتحرر البناية القديمة لمنتدى المسرح  من الاحتلال الذي طالها  وأن تعود مساهمة في العطاء الفني كمؤسسة تابعة للسينما والمسرح لها تاريخها ونكهتها  وروادها …مع محبتنا للجميع.

 0